مصر فوق الجميع

مصر فوق الجميع

الجمعة، يونيو 20، 2008

صفحات من تجربتى

بسم الله الرحمن الرحيم


عودة مع كتاب المعلم عثمان احمد عثمان - رحمة الله عليه من خلال عرض و تلخيص لمقتطفات كتابه الخاص : صفحات من تجربتي - هذا الكتاب الذي يقدم لنا فيه ابن الاسماعيلية العريقة كيف بدء و كيف صار اشهر شخصية عمرانية اشتهرت بالواقعية
و كمان ان تلك الشخصية الفريدة كانت بعيدة عن الفلسفات الرنانة و العمل المجد المخلص
و كيف كانت بداياته البسيطة أساس هام نحو عملاق البناء و التعمير الذي بالرغم من رحيله
و بالرغم من التسهيلات بالعصر الحديث من الناحية التمويلية و التكنولوجية - الا ان مكان المعلم العمراني
, ما زال شاغرا و هذا بلا شك دليل واضح علي تفرد تلك الشخصية الاصيلة التي انطلقت من مدينة الاسماعيلية
و ظلت علي وفائها لموطن رأسه و صاحبة الفضل عليه و قد ترجم ذلك رحمة الله عليه ذلك عمليا -
مدونة مجدى البوهى - لتقدم تلك المقتطفات الرائعة مشاركة منها في احياء ذكري المعلم عثمان احمد عثمان رحمة الله عليه الذى تجنى عليه من لايعرف قيمة ومعزة المعلم فى قلوب كل اهل الأسماعيليه بل فى كل انحاء الوطن العربى
لتكون نبراسا و دليلا لمن اراد التفوق و الاجتهاد الميني علي الوفاء و التضحية


IPB Image





حارة عبد العزيز – شارع مكة – حي العرب – الاسماعيلية

عنوان منزل بسيط بمدينة الاسماعيلية كان يتكون من طابق ارضي مبني بالدبش و الطين و سقفه عبارة عن تعريشة من الخشب و العروق و الجريد و كان يتكون من حجرتين . حجرة للتخزين و حجرة مفروشة بالحصير للنوم و ليس بها دولاب او سرير و في احد اركان البيت عشة للطيور و تعريشة الفرن الذي يعد به الخبز مرة واحدة بالاسبوع.

في هذا البيت البسيط و في يوم 6 ابريل 1917 م ولد طفل لاسرة بسيطة عائلها يعمل في تجارة الجملة بالاسماعيلية و يمتلك محلا للبقالة . و رحل الوالد و عمر الطفل الصغير ثلاثة اعوام و يتولي الاخ الاكبر مسئولية الاسرة و يترك الدراسة من الشهادة الابتدائية لمساعدة الوالدة في صراع الحياة.

كبر الصبي و فهم الحياة ميكرا و احس بعظم المسئولية التي تحملها اخوه الاكبر محمد لاعالة اسرة من سبعة افراد . و كسدت تجارة محل البقالة و توظف الصبي ذات الاثني عشر عاما : محمد في بنك التسليف الزراعي بالاسماعيلية براتب ثلاثة جنيهات شهريا .

و تحملت ربة البيت الصغير البسيط الكثير و الكثير من المصاعب لتربي اولادها محمد و ابراهيم و عثمان و حسين و شقيقتين , تربية اسلامية خالصة تعتمد علي المبادئ الاصيلة في ظل امومة حانية و حازمة تغرز من خلالها اصول الشخصية المتزنة المتفوقة غي حياتها العلمية و العملية.

كبر الصبي عثمان احمد عثمان وسط هذا الجو المفعم بالحماس و المعاناة و تفوق في دراسته و حصل علي البكالوريا عام 1935 و فضل دراسة الهندسة علي دراسة الطب كما هو معتاد لمن حصل علي البكالوريا بتفوق . ايمانا منه بمعرفة موهبته و ميوله الشخصي بعد موافقة الوالدة عن الاستغناء عن حلمها ان تري ابنها طبيبا و خاصة ان الاخ الاكبر منه مباشرة انخرط في كلية الهندسة.

و دخل عثمان كلية الهندسة و كان يقطع الطريق سائرا علي قدميه من باب الخلق من منزل اخته الكبري حتي جامعة القاهرة بالجيزة حتي اهتدي الي صناعة دراجة بمجهود ذاتي تكلفت ستين قرشا موفرا من المائة و عشرين قرشا التي اهدتها اليه شقيقته لعمل اشتراك بالترام ليرحم قدميه من السير يوميا و العودة – لكن بعقليته و موهبته ايقن ان تركيب دراجة من مخلفات محل لبيع و تاجير الدراجات و التي تكلفه ستين قرشا – افضل من شراء دراجة جديدة ثمنها جنيهين و افضل بالتاكيد من اشتراك بالترام بمائة و عشرين قرشا و يجدد بنفس المبلغ كل ثلاثة اشهر.

و في نهاية دراسة البكاليوروس – اهدي المهندس : عثمان احمد عثمان – من فرحته بالنجاح دراجته العزيزة الي عم حسنين بواب الكليه كحلاوة النجاح و نسي انه لا يملك مليما واحدا في جيبه يستطيع من خلاله ركوب الترام ليذهب الي بيت اخته ليبشرها بحصوله علي البكاليوروس .. رجع الي باب الخلق ماشيا .

هذه مقدمة عن نقد كتاب (صفحات من تجربتي ) لعملاق الهندسة و المقاولات المصري المهندس الدكتور :عثمان احمد عثمان – رحمة الله عليه و غفر له و ادخله الجنة.

و لن نزيد في تلك المقدمة في نقد تلك الكتاب او نسرد في تفاصيله الممتعة و الشيقة التي تعتبر تأريخا لسيرة شخصية اسطورية بكل معني الكلمة و محتواها و التي من خلالها يقدم تجربة جديرة بالاحترام و المناقشة لتكون نبراسا لاي شاب يريد ان يعمل و يكد و يجتهد ليجني في الاخر ثمار تعبه و اجتهاده – ليس هو وحده – انما اجيال وراء اجيال استفادت و ما زالت تستفيد من قصة نجاح اقل ما يمكن يقال عليها انها معجزة.

من بداية شاب يدخل كلية الهندسة متسلحا بالموهبة و العقل و الطموح و لكنه كان معدما ماديا لدرجة انه استطاع الحصول علي ( شهادة فقر ) للاعفاء من المصاريف.

و لقد استرسل صاحب الكتاب – رحمة الله عليه في وصف تلك الشهادة و تفاصيلها بالصفحة 32 و لم يخجل منها – بل يقدمها كتجربة للتغلب علي الظروف المحيطة – لا ليجعلها حجر عثرة في طريق من يرغب بالتقدم و النجاح.

كمنظور عام للكتاب فهو يقع في 648 صفحة من الحجم المتوسط اصدار الاهرام – مطابع الاهرام التجارية برقم ايداع 2566/1981 و الترقيم الدولي 26-7223-977 و الناشر المكتب المصري الحديث – 2 شارع شريف عمارة اللواء بالقاهرة .

و عند مطالعة المراجع و المرفقات – يجذب النظر صورة لعامل اسمر نوبي مليح يدعي حامد عباس احمد و بجوار اسمه وظيفته : ساعي و تاريخ تعيينه بالشركة عام 1956 بالادارة العامة و توفي و هو بالمعاش .

ما معني ما سبق – انه بكل بساطة كلمة واحدة – الوفاء.

من دون الوفاء – لا تفلح العبقرية او الموهبة او الطموح – قد يجوز ان تفلح و تنجح لكن لا يمكن ان تكون مثل ما كانت عليه عبقرية و موهبة و طموح المعلم المهندس : عثمان احمد عثمان - رحمة الله عليه

و بعد الوفاء يأتـي التنظيم و نكران الذات و التضحية من اجل الوصول الي القمة ليصل افراد عائلته من عدد سبعة افراد كانوا يعانون شطف العيش -- الي خمسة و خمسين الف عامل في شركة عملاقة – ندر الزمان ان يجود بمثلها هي شركة المقاولون العرب.

و لماذا سميت المقاولون العرب و متي اطلق عليها هذا الاسم

مع ملاحظة انه لم يكن بها عرب قط – انما مصريين فقط

و من هو عثمان الطحان

و من هو صبي الميكانيكي ذو الاجر خمسة و عشرين قرشا اسبوعيا

و كيف اطلق عليه لقب المعلم الذي يهرب منه المهندسون

و ما هي المواقف الوطنية في كفر احمد عبده

و بناء حظائر الطائرات في حرب الاستنزاف

و الدور الكبير في حرب اكتوبر في قواعد الصواريخ

نترك ذلك مؤقتا لمقتطفات مستقبلية من الكتاب بإذن الله و توفيقه .

و لمعرفة ما جاء بخصوص خطوات العمل الجاد حتي الوصول الي الشركة العملاقة المقاولون العرب و ملحمة بناء السد العالي و ازمة تأميم الشركة و توابعها من خلال قصة حياة عظيمة مثابرة من مشرق العالم العربي الي مغربه

انما اشير الي انه لم يكن هناك حادث في سيرة المعلم قد حدث بطريق الصدفة او المخاطرة – انما كل احداث الكتاب قد سارت علي نحو منهجي مستقيم هو الدراسة و التخطيط و الاستفادة من كل ما رسخ في طفولته و المعاناة التي كابدها و حرصه ان تكون الشركة عملاقة في وجه المخططات الروسية بل الشيوعية و خاصة اثناء جهاده في تنفيذ اعظم مشروع مصري هوه مشروع السد العالي و التي كان سنده فيها التنشئة الدينية التي غرستها فيه والدته – رحمة الله عليها . لتصبح الشركة عملاقة امام شركات مسنودة و غنية مثل مختار ابراهيم و العبد و غيرها .

و لكن كل ما سبق يندرج تحت – فلسفة الملقي – تحليله و نظرياته و هي بالقطع بخلاف – فلسفة المتلقي – و ايضا تحليله و نظرياته.

حيث ان الكتاب اجمالا هوه كتابة من صاحب السيرة – رحمة الله عليه و هي كتابة فلسفة الملقي اولا و اخيرا بمعني انها كتابة من وجهه نظر واحدة تري الامور جيدا – لكنها لا تري الامور كلها.

اليس ذلك يدعونا الي التساؤل و بالحاح – اين فلسفة المتلقي و خاصة بعد حوالي العشرين عاما من صدور الكتاب

اين المحللون و المؤرخون و الدارسون .

بل اين أسرة و اولاد المعلم انفسهم بهذا الخصوص – هناك لوم بالتاكيد يقع عليهم و مقدار هذا اللوم يتناسب , بل يتضاعف مع مرور الايام و الشهور التي تمر بدون اتخاذ اي اجراء عملي للتكفير عن تقاعسهم الغير مبرر.

اين مؤلفين الدراما و المنتجين و المخرجين و في متناول ايديهم – كنزا – عن سيرة اعظم مهندس مقاول يمكن تقديمها قي صورة درس لكل الاجيال القادمة و قد امتعونا بسيرة الشيخ محمد متولي الشعراوي – رحمة الله عليه
و سيرة كوكب الشرق السيدة ام كلثوم – رحمة الله عليها و غيرهما الكثيرين.

ان سيرة المعلم و تجربته في الهندسة و البناء لا تقل روعة او اعجاز عن سيرة الراحل الدكتور مهندس معماري : حسن فتحي – رحمة الله عليه و هو شيخ البنائين و اعظم مهندس معماري علي تاريخ العمارة و كذلك تتوافق و تتماثل مع سيرة المهندس المعماري النابغة التركي الاصل : بيرامار سنان واضع اصول و اسس العمارة العثمانية العظيمة و صاحب اكبر رصيد من المساجد التي لم يجود بمثلها الزمان.

كما و لابد ان نشير الي الارتباط الوثيق بين المعلم الراحل و بين مدينته الاسماعيلية و التي بالقطع لا نقول ان له ايادي بيضاء عليها ابدا – لكن نقول انه حاول قدر استطاعته – رحمة الله عليه – ان يرد الجميل الي المدينة العظيمة الجميلة التي احتضنته و استفاد من خبرة اولادها و تجارها في بداية حياته العمليه كما كان يشير دائما في ذلك الكتاب.


IPB Image

بالنهاية لم ينسي الراحل العظيم النادي الاسماعيلي في خلال رحلته الطويلة حيث انه كان اسماعلاويا اصيلا و من خلال فترة رئاسته للنادي من موسم 65- 66حتي 87-88 اي حوالي ثلاثة و عشرين عاما قدم خلالها الكثير و الكثير للنادي و تحول الي نادي كبير صاحب بطولات و صيت و سمعة خارجية ممتازة.

رحم الله تعالي المهندس عثمان احمد عثمان و غفر له و ادخله الجنة و نرجو من جميع الاخوة الدعاء له بالرحمة و المغفرة.
والمدونة تناشد العثمانين وعلى رأسهم المهندس/ محمود عثمان فى عدم التخلى عن الأسماعيلى فى هذا الوقت العصيب وتطلب منهم سرعة اعلان المهندس/ المحترم /ابراهيم عثمان دخوله الأنتخابات على مقعد الرئاسه
ولكم جزيل الشكر - مجدى البوهى

ليست هناك تعليقات: